كان الله (عز وجل) ولم يكن شيء قبله ولا غيره ، فخلق الله الماء والعرش والكرسي وخلق القلم وقال له : (أكتب مقادير كل شيء حتى تقوم الساعة) أو (أكتب القدر ما كان وما هو كائن إلى الأبد).
بعد ذلك خلق الله السموات والأرض في ستة أيام، ثم إستوى على العرش … قال الله تعالى :
﴿إِنَّ رَبَّكُمُ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهَارَ يَطْلُبُهُ حَثِيثًا وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالنُّجُومَ مُسَخَّرَاتٍ بِأَمْرِهِ أَلَا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ تَبَارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ(٥٤)﴾ سورة الأعراف
معلومة : اليوم الواحد عند الله يعادل ١٠٠٠ سنة من أيامنا.
بعدما خلق الله السماوات والأرض وما فيهن والمخلوقات من الملائكة والجن وغيرها، وفي اليوم السابع قال الله تعالى للملائكة :
﴿وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لَا تَعْلَمُونَ (٣٠)﴾ سورة البقرة
في اليوم السابع … خلق الله عصر يوم الجمعة آدم من طين (ماء وتراب) ؛ فأخذ الله (عز وجل) بيده قبضة من تراب الأرض ومزجها بالماء فصارت طين كالصلصال (فلذلك نرى أشكال الناس ألواناً ، كالأبيض والأسود والأسمر والأحمر والأصفر وغيره)، فجعلها وصورها بيده بصورة الإنسان كهيئته الحالية، فكان الجسد كالفخار ، كان إبليس يطوف في جسد آدم ويقول : إنه أجوف وربكم ليس بأجوف.
وعندما نفخ الله فيه الروح أمر الله (عز وجل) الملائكة ليسجدوا لآدم تكريماً له وليس تعبداً ، فسجد جميع الملائكة إلا إبليس الشيطان ملك الجن الذي تكبر ولم يسجد له، وقال : “أنا خير منه خلقتني من نار وخلقته من طين” ؛ فعندها طرده الله منها وقالاً له : “فإخرج منها فإنك رجيم” أي مطرود من رحمتي.
وأول ما نفخت فيه الروح ووصلت إلى رأسه “عطس آدم” فقال : الحمد لله ، فردت عليه الملائكة : يرحمكم الله.
بعدما إكتمل خلق آدم ، أمره الله أن يسلم على الملائكة ، وكما ورد في حديث رسول الله ﷺ : (خَلَقَ اللَّهُ آدَمَ علَى صُورَتِهِ، طُولُهُ سِتُّونَ ذِراعًا، فَلَمَّا خَلَقَهُ قالَ: اذْهَبْ فَسَلِّمْ علَى أُولَئِكَ النَّفَرِ مِنَ المَلائِكَةِ جُلُوسٌ، فاسْتَمِعْ ما يُحَيُّونَكَ؛ فإنَّها تَحِيَّتُكَ وتَحِيَّةُ ذُرِّيَّتِكَ، فقالَ: السَّلامُ علَيْكُم، فقالوا: السَّلامُ عَلَيْكَ ورَحْمَةُ اللَّهِ، فَزادُوهُ: ورَحْمَةُ اللَّهِ، فَكُلُّ مَن يَدْخُلُ الجَنَّةَ علَى صُورَةِ آدَمَ، فَلَمْ يَزَلِ الخَلْقُ يَنْقُصُ بَعْدُ حتَّى الآنَ).
وبدأ يطوف في الجنة ويأكل من ثمارها ، وكان إنسان واعياً ولم يكن جاهلاً لأن الله علمه كل شيء لقوله :
(وَعَلَّمَ آدَمَ الْأَسْمَاءَ كُلَّهَا ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى الْمَلَائِكَةِ فَقَالَ أَنبِئُونِي بِأَسْمَاءِ هَـٰؤُلَاءِ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ ﴿٣١﴾ قَالُوا سُبْحَانَكَ لَا عِلْمَ لَنَا إِلَّا مَا عَلَّمْتَنَا ۖ إِنَّكَ أَنتَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ ﴿٣٢﴾ قَالَ يَا آدَمُ أَنبِئْهُم بِأَسْمَائِهِمْ ۖ فَلَمَّا أَنبَأَهُم بِأَسْمَائِهِمْ قَالَ أَلَمْ أَقُل لَّكُمْ إِنِّي أَعْلَمُ غَيْبَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَأَعْلَمُ مَا تُبْدُونَ وَمَا كُنتُمْ تَكْتُمُونَ ﴿٣٣﴾) سورة البقرة
وكان وحيداً من جنسه ، فعندما نام خلق الله له من ضلعه إمرأة إنثى إسمها “حواء” لتكون له أنيس معه في الجنة.
وقال الله لهما : (ويا ادم اسكن انت وزوجك الجنة فكلا من حيث شئتما ولا تقربا هذه الشجرة فتكونا من الظالمين) الأعراف : ١٩
فإنطلق آدم وحواء في الجنة يأكلان ثمارها الجنة ويمرحان حتى أتاهما إبليس الشيطان يوسوس لهما، ويقول لهما : ما نهاكما ربكما عن هذه الشجرة إلا أن تكونا ملكين أو تكونا من الخالدين، ثم بدأ يقسم لهما بالله على ذلك حتى صدقاه، ولم يظنا إن هناك أحد من الخلق يقسم بالله كذبا.
فأدلهما الشيطان إلى الشجرة فلما بدأ يأكلان ومع أول قضمة ذاقا فيها من الشجرة ظهرت لهما سوآتهما (عوراتهما) ، وبدأا يغطيان عوراتهما بورق الجنة ويفران ولا يعلمان ماذا يفعلان ؛ فناداهما الله ألم أنهكما عن تلك الشجرة وأحذركما من الشيطان ، فألهما الله طريقة التوبة والإستغفار : (قالا ربنا ظلمنا انفسنا وان لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين) الأعراف: ٢٣
فعندها عاقب الله الثلاثة آدم وحواء والشيطان إبليس بأن يهبطوا للأرض ويستقروا فيها بعضهم لبعض عدو إلى قيام الساعة وموعد الحساب لكل الإنس والجن ، فإما إلى الجنة يخلد فيها أو إلى النار يخلد فيها.
وعندها بدأت حواء تلد كل بطن إثنين ذكر وإنثى ، ويتزوج الذكر من البطن الأولى مع إنثى من البطن الثانية، وذكر الثانية مع إنثى الأولى ؛ قيل إن حواء قد أنجبت خمسة أبطن فقط والله أعلم ؛ وهكذا بدأت البشرية تتكاثر في الأرض.
قال الله تعالى في سورة الأعراف :
(( وَلَقَدْ مَكَّنَّاكُمْ فِي الْأَرْضِ وَجَعَلْنَا لَكُمْ فِيهَا مَعَايِشَ ۗ قَلِيلًا مَّا تَشْكُرُونَ ﴿١٠﴾ وَلَقَدْ خَلَقْنَاكُمْ ثُمَّ صَوَّرْنَاكُمْ ثُمَّ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ لَمْ يَكُن مِّنَ السَّاجِدِينَ ﴿١١﴾ قَالَ مَا مَنَعَكَ أَلَّا تَسْجُدَ إِذْ أَمَرْتُكَ ۖ قَالَ أَنَا خَيْرٌ مِّنْهُ خَلَقْتَنِي مِن نَّارٍ وَخَلَقْتَهُ مِن طِينٍ ﴿١٢﴾ قَالَ فَاهْبِطْ مِنْهَا فَمَا يَكُونُ لَكَ أَن تَتَكَبَّرَ فِيهَا فَاخْرُجْ إِنَّكَ مِنَ الصَّاغِرِينَ ﴿١٣﴾ قَالَ أَنظِرْنِي إِلَىٰ يَوْمِ يُبْعَثُونَ ﴿١٤﴾ قَالَ إِنَّكَ مِنَ الْمُنظَرِينَ ﴿١٥﴾ قَالَ فَبِمَا أَغْوَيْتَنِي لَأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِرَاطَكَ الْمُسْتَقِيمَ ﴿١٦﴾ ثُمَّ لَآتِيَنَّهُم مِّن بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ وَعَنْ أَيْمَانِهِمْ وَعَن شَمَائِلِهِمْ ۖ وَلَا تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شَاكِرِينَ ﴿١٧﴾ قَالَ اخْرُجْ مِنْهَا مَذْءُومًا مَّدْحُورًا ۖ لَّمَن تَبِعَكَ مِنْهُمْ لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنكُمْ أَجْمَعِينَ ﴿١٨﴾ وَيَا آدَمُ اسْكُنْ أَنتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ فَكُلَا مِنْ حَيْثُ شِئْتُمَا وَلَا تَقْرَبَا هَـٰذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونَا مِنَ الظَّالِمِينَ ﴿١٩﴾ فَوَسْوَسَ لَهُمَا الشَّيْطَانُ لِيُبْدِيَ لَهُمَا مَا وُورِيَ عَنْهُمَا مِن سَوْآتِهِمَا وَقَالَ مَا نَهَاكُمَا رَبُّكُمَا عَنْ هَـٰذِهِ الشَّجَرَةِ إِلَّا أَن تَكُونَا مَلَكَيْنِ أَوْ تَكُونَا مِنَ الْخَالِدِينَ ﴿٢٠﴾ وَقَاسَمَهُمَا إِنِّي لَكُمَا لَمِنَ النَّاصِحِينَ ﴿٢١﴾ فَدَلَّاهُمَا بِغُرُورٍ ۚ فَلَمَّا ذَاقَا الشَّجَرَةَ بَدَتْ لَهُمَا سَوْآتُهُمَا وَطَفِقَا يَخْصِفَانِ عَلَيْهِمَا مِن وَرَقِ الْجَنَّةِ ۖ وَنَادَاهُمَا رَبُّهُمَا أَلَمْ أَنْهَكُمَا عَن تِلْكُمَا الشَّجَرَةِ وَأَقُل لَّكُمَا إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمَا عَدُوٌّ مُّبِينٌ ﴿٢٢﴾ قَالَا رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنفُسَنَا وَإِن لَّمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ ﴿٢٣﴾ قَالَ اهْبِطُوا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ ۖ وَلَكُمْ فِي الْأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ وَمَتَاعٌ إِلَىٰ حِينٍ ﴿٢٤﴾ قَالَ فِيهَا تَحْيَوْنَ وَفِيهَا تَمُوتُونَ وَمِنْهَا تُخْرَجُونَ ﴿٢٥﴾ يَا بَنِي آدَمَ قَدْ أَنزَلْنَا عَلَيْكُمْ لِبَاسًا يُوَارِي سَوْآتِكُمْ وَرِيشًا ۖ وَلِبَاسُ التَّقْوَىٰ ذَٰلِكَ خَيْرٌ ۚ ذَٰلِكَ مِنْ آيَاتِ اللَّـهِ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ ﴿٢٦﴾ يَا بَنِي آدَمَ لَا يَفْتِنَنَّكُمُ الشَّيْطَانُ كَمَا أَخْرَجَ أَبَوَيْكُم مِّنَ الْجَنَّةِ يَنزِعُ عَنْهُمَا لِبَاسَهُمَا لِيُرِيَهُمَا سَوْآتِهِمَا ۗ إِنَّهُ يَرَاكُمْ هُوَ وَقَبِيلُهُ مِنْ حَيْثُ لَا تَرَوْنَهُمْ ۗ إِنَّا جَعَلْنَا الشَّيَاطِينَ أَوْلِيَاءَ لِلَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ ﴿٢٧﴾ )).